Canalblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

miramar

Albums Photos
Archives
Derniers commentaires
15 août 2008

إرهاب النظام وصراخ الشعب

إرهاب النظام وصراخ الشعب

  من ذلك العصر الذهبى تغمرنى مشاعر النبل والنضال, الصدق والنقاء, وتدوى فى سماء النفس وتتلألأ, صيحة العقاد الصلب تحت قبة البرلمان المصرى, مشيرا إلى العرش أنذاك(إن الأمة على استعداد لأن تسحق أعلى رأس فى البلاد يخون الدستور ولا يصونه)لكن العصر النبيل مالبث أن غاب وراء السحب , ولاحت تناقضات العصر الرجولى وعصرنا المخنث !! إذ لا عقاد يعقد العزم ويصيح ولا برلمان حر يملك أن يطيح , تلك الصيحة المدوية والشاهدة بأن مصر حرة لم ولن تكبل بقوانين إستثنائية تسحق روح الشعب وتشل إرادته فى أن يكون حرا تؤلمنى بشدة فى قلب المشهد المصرى الراهن ,إزاء نظام بغى وتجبر,يقبع خلف ستار الديمقراطية وهو ألد أعداء الحرية,وقد شرع فى سن قانون الإرهاب الجديد,فأخشى ما أخشاه أن تخرج مصر من التاريخ وبلا رجعة,فى حال تمرير ذلك القانون الدامى,فمن واقع التاريخ لم تشهد مصر حوادث تعد إرهابا بإستثناء أحداث يناير وماصاحبها من حوادث ولم تكن إرهابا, وعصر مبارك ذاته لم يشهد حوادث مباشرة وضخمة , وأحداث دهب والشرم ,تمت بأيد صهيونية ,حيث يرتعون وقتما يشاؤون,دون سيطرة أمنية بموجب إتفاقية مشبوهة!, والنظام يعلم ذلك!! ,فلم انتفض إذن النظام وزبانيته وبدعوى سلامة وأمن المجتمع وما حققه من تنمية!, لسن قانون مشبوه يضرب فى الصميم حرية وأمن شعب لم يضبط قط بواقعة تحدى النظم وبطول التاريخ المصرى ,وما مغزى ومعنى طرق إعلان وتمرير القانون وقد حملت النية فى بث الرعب فى نفوس الجماهير , وهو الإرهاب المعنوى ذاته , وهو ما لا يجوز البتة من رجال قانون , ولو فى حظيرة النظام,فضلا عما تكشف فى ثنايا النصوص من ملامح شيخوخة نظام يتكىء بعكاز قانون العقوبات ويبحث عن أنياب بمكر الدكرورى وشهاب!, فيما يؤكد أساطين القانون المصرى, أن قانون العقوبات متخم بمواد كفيلة بردع جيوش الإرهاب العالمى,ولسنا فى حالة تستوجب المزيد,سيما ورجال الشرطة فى مصر يعملون بعيدا عن القانون وضوابطه ,وفى حل من مبادىء حقوق الإنسان,ولا يوجد رقيب محايد يحد من تجاوزاتهم المنشورة يوميا فى الصحف,فما الهدف إذن من قانون جديد يجرم كل شيىء حتى الكلام !!, فقد يفسر بنصوص الدكرورى وصياغة شهاب تحريضا على الإرهاب, وهنا يجدر القول يشرفنا أن نكون (بمنطق الدكرورى وشهاب)إرهابيين مع سبق الإصرار والترصد ,فلا نخشى على أنفسنا قدر ما نخشى على بلادنا من نظام لا يعمل لمصلحة الشعب,وأيضا يبرز السؤال الحر,كيف يمارس كل صاحب رأى معارض حقه الدستورى ؟وهو أقوى من أى قانون ويجب أية لوائح,تعد فى مطبخ النظام,ويلح السؤال المر,هل مناهضة توريث الحكم فى مصر تعد إرهابا؟فمن المتوقع مقاومة شعبية عارمة لكل وسيلة تؤدى لنتيجة مفادها أن جمال مبارك فوق عرش لمصر !!!, وفى تقديرى هنا الحاجة لقانون يردع أحرار الشعب , بتهم تعطيل مؤسسات الدولة وتهديد أمن وسلامة المجتمع , لتأمين ملك مصر المزيف,ومن عجائب الأمور لن يكون فى مقدور رجل شرطة شريف أن يرفع يده عن أبيه ولا أقول بني وطنه,لأنه سيحاكم بنفس المواد وهى تعطيل القانون عن التصدى لأعداء الدولة !, ولا عزاء للشعب المنكوب,جدير بالذكر موقف النيابة العامة لما يربطها بالشعب من رباط مقدس ,فمن واقع نصوص قانون الإرهاب الجديد,تصبح جهة إدانة على طول الخط,فلم يترك لهم لا الدكرورى ولا شهاب أية ضمانات تمكنهم كجهة إختصاص من مراقبة الأداء الشرطى , بإصدار إذن المراقبة والضبط والتفتيش,فضلا عن الإعتقال الفورى دون أسباب ,ولمدد غير محددة,وهو مايقطع أى نوع من أنواع الصلة ونهائيا بين الشعب ورجالات النيابة العامة,فلن يكون فى مقدور مصرى واحد أن يحمل درجة قبول أو احترام لهم ,وأدعوهم لتقديم الإستقالة والإنضمام للشعب فى جهاده ضد سلطة غاشمة ,لاتحمل بصمة الشعب فيما تفعله إزاؤه وبإسمه,وفى لقطة سريعة لمجلس النظام المسمى زورا مجلس الشعب,حيال تمرير ذلك القانون الدامى,سيدور النقاش ويحتدم حول كيفية حماية الناس من جمل مطاطة وردت فى سياق القانون,وبالإختصاص سيتولى سرور بك غلق باب النقاش بكلمة يكرهها كل مصرى,موافقون,وفى دوائر الحكم ,ستنتفض ذيول وأبواق النظام لترقب ردة الفعل عبر الفضائيات والصحف ومواقع الانترنت,حرصا منهم على تهدأة أعصاب الناس , حتى يمر القانون بهدوء ودون فضائح,ذلك بالتوازى مع فرض وثيقة البث الفضائى العربى التى فبركها أنس الفقى,وقد تضمنت جمل مطاطة غير محددة وقابلة لأى تفسير يخدم من فبركها , لغرض فى نفسه كالسلم العام وخشية تكديره,وحرمة النظام ورموزه,والتصدى للعنة النظم (مواقع ومدونات الانترنت) بإحكام الحجب والمحاكمة لحماية النظم من فرسان الشبكة العنكبوتية المتغلغلة فى شرايين الشعوب,ودورهم الرائد فى حشد الجماهير بشعارات لا يستطيعها سواهم(لا للتوريث على سبيل المثال)ويجدر القول يستطيع الفقى تكميم أفواه البث الفضائى كما الأرضى ,لكن لن يستطيع قمع وهج الحلم الأسطورى الثورى فى نفوس فرسان العرب,ولن يستطيع حجب كل المواقع إلا فى حال الإستغناء عن الشبكة كلية ,سيما وفرسان العرب لا يردعهم ولا يرهبهم أقصى ما تستطيعه النظم,وهو الإعتقال ذاته,وبلغة اللدع الإليكترونى(أيها الفقى أنت من الآن على خوازيق الكيبورد,فلا تصرخ بالميثاق,فلن يجدى معنا)جدير بالرصد أيضا موقف المعارضة المصريةوهنا تحتشد الكلمات ويحتدم القول لأننا أمام من يملكون حجة الخلاص,وأستميحهم عذرا أن أعرض عليهم ما أظنه ,حقيقة المشهد المصرى الراهن ,مدعما بأقوال من فم الشعب , ولا يخالجنى شك فى بسالتهم وشجاعتهم وقدرتهم أيضا على احتمال مايلى
السادة رؤساء أحزاب المعارضة ,الأخوة أمراء الإخوان,أقطاب حركات التغيير فى مصر,لم يقبل كثيرون إختلافكم وانشقاقكم فى اللحظات الحرجة ومن تحت مظلة واحدة لا تهدف لغير الصالح العام,لم يكن موفقا توجيه الخطاب السياسي للنظام مع علمكم بعدم قدرة النظام على التغيير والإصلاح, لأسباب لا تخفى على أحد,لا يجوز البتة إتصال فرق منكم برموز النظام بدعوى الحوار وبإسم الشعب سيما ولا علم للشعب بما يدور من خلف ظهره , كثيرون لا يغفرون العبث بعقولهم والثرثرة عبر الشاشات , السادة أقطاب النضال,أصارحكم القول,أنتم فى واد والشعب فى وادآخر,وقد حان وقت النهضة ,فى عالم تجاوز الرهبة ,ولا يعرف غير الأقوياء ,ولن يعود للوراء,فأخشى ما أخشاه , أن يسدل الستار وأنتم نائمون ..واهمون..نريد عمل جاد ,يدفع الناس عن موضع الثبات,فينتفى الحياد,ويحاصر الفساد والإفساد,فى دولة الإستبداد,كما فى إسلام أباد,ونعلم أن الشعب المصرى مختلف عن الباكستانى الثورى,بعدما تم سحقه بوسائل عدة,بدءا بقوانين إستثنائية,مرورا بأكاذيب مفضوحة,وليس أخرا غول الفقر وغلاء المعيشة,لكن الشعب المصر يستصرخكم ويلوذ بكم ,لينهي معاناته وعذاباته , جراء نظام بغى وتجبر,فهل أنتم مستعدون,فلم تعد مصر قادرة على مد حبال التكتيك والمراوغة ,وقد تدلت ملتوية العنق تلفظ أنفاسها الأخيرة,ولم يعد فى مقدور جيل ثان شب فى دولة الظلم والطغيان..الذل والحرمان.. مع القسوة فى تقرير مصيره أن يعيش للأبد مقهورا , بقوانين إستثنائية تشل قدرته ورغبته فى أن يكون حرا.. أيها السادة لا نريد منكم سوى القيام بواجبكم , طالما تتحدثون بإسم الشعب,ولا أقل من مواجهة موحدة ومفتوحة , بقيادتكم ضد النظام,حتى ينتصر الشعب وتعود حقوقه المسلوبة,وإن كانت مصر قد فقدت العقاد الصلب,فلا يخالجنى أدنى شك , أن فى مصر ألف عقاد يعقدون العزم ويصيحون,إن الأمة على استعداد لأن تسحق أعلى رأس فى البلاد , يخون الدستور ولا يصونه,ويجيش الجيوش , ليورث الحكم ,رغم أنف العباد,ولا تخالجنى ذرة شك فى أن مصر أعظم وأقوى من أن تخرج من التاريخ , جراء نظام قبيح ,آن له أن يرحل ,لتنهض مصر بأبناءها الأوفياء.
دمتم سالمين
المحرر

Publicité
15 août 2008

حقائق مزعجة

الاقتراب من حقائق الأمور بدواعى القيم بمثابة السير فوق الألغام يتطلب حذر ودقة وثقة عميقة فى النفس .....كثيرا ما نقرأ فى التاريخ فنقف أمام عبارة رنانة بالبحث فى المصادر الأولى والأبحاث والدراسات لا نجد لها 39c5bd4d6e635d946e7636d467313610.jpgسند من الواقع .....الآن نحن أمام عبارة زعيم الثورة العرابية أحمد عرابي ذاته  ذلك الحوار المسرحي الحاد بينه وبين الخديوى توفيق فى مظاهرة عابدين الخديوى توفيق فوجىء بعرابى أمامه على حصانه شاهرا سيفه ومن حوله رفاقه ومن خلفه الجنود،فنادى الخديوى ما الذى جاء بك ؟فرد عرابى جئنا نعرض عليك مطالب الأمة وهى مطالب عادلة استمع الخديوى إلى مطالب عرابى ولم تعجبه وقال(هذه المطالب لا حق لكم فيها ...ما أنتم إلا عبيد إحساناتنا )فرد عرابى (والله الذى لا إله إلا هو لسنا عبيدا ولا عقارا ولن نستعبد بعد اليوم) قرأت دراسة حلمي النمنم وشهادة المؤرخ الثقة د.يونان لبيب رزق فى حلقة فى دراسة عن العيب فى ذات أفندينا فوجئت بعدم صحة حوار عرابي مع الخديوى توفيق....فلا الخديوى اعترض ولا عرابى صاح فيه!!ونقلا عن دراسة حلمي النمنم (الواقعة بهذا الحوار وردت فقط فى مذكرات عرابي التى دونها بعد عودته من المنفى)
ونقلا عن الدكتور يونان لبيب رزق قال بوضوح تام (إن شكوكى تحيط بهذا الحوار فلم يرد له ذكر فى المصادر المعاصرة لكنه خيال عرابى !!) يقصد فى مذكراته التى دونها بعد عودته من المنفى، وبالاطلاع عن سبب تدريس الحوار فى الكتب المدرسية حتى هذه اللحظة تبين من دراسة حلمى النمنم أن الدكتور صبرى السربونى نقل عن المذكرات وكذلك محمود الخفيف ولما جاء ضباط يوليو بعد ثورة 1952 قاموا برد الاعتبار لعرابى كزعيم وطنى وهو شبالتأكيد زعيم وطنى عظيم فقاموا بالترويج لهذا المشهد المختلق وبات مقررا فى الكتب المدرسية وتبين أيضا بالفحص الدقيق لدراسة حلمى النمنم الذى نقل عن المصادر الأولى أنه بسؤال شهود الواقعة ثبت أن هذا الحوار لم يحدث وعرابى نفسه فى التحقيقات معه بعد فشل الثورة قال شيئا آخر ورفاقه أيضا لم يذكروا هذه الواقعة فى التحقيقات....إذن كان خيال عرابى فى مذكراته التى نقل عنها د.صبرى السربوني وكذلك محمود الخفيف!! فهل يحق لنا طلب تشكيل لجنة تضم كبار مؤرخى مصر لفحص المصادر الأولى والدراسات والأبحاث لكتابة تقرير مفصل عن مدى صحة حوار عرابى مع الخديوى توفيق كى يتسنى لكل مصرى معرفة تاريخ بلاده بلا تزييف وكى يحق لعشاق الحقيقة طلب رفع العبارة المنحوتة ببراعة فوق قاعدة تمثال عرابى لنقف أما عرابى بفخر دون حاجز مزيف ...فعرابى زعيم وطنى عظيم بدون تلك العبارة المزيفة  وكما قال حلمى النمنم , القادة والزعماء يجوز عليهم الضعف والقصور بجانب التميز والبطولة العامة ،
أرجو اهتمام كل من يعنيه الأمر بالبحث والتنقيب لتصل الحقائق كما هى للمصريين
ملحوظة لا أسعى لهدم ثوابت ورموز بل أذكر حقائق ولست المختص بالبحث والتنقيب فقط أذكر حقائق يجب أن تصل لكل مصرى
دمتم سالمين
  المحرر

12 août 2008

مقالة

عندما بدأ قلبه ينبض ببطء وطالعتنا الأخبار ببدء الوداع اختلط في الذهن وفي الروح صورة فلسطين وصوتها لتعيدنا الذاكرة لبواكير الثورة وأغنياتها المجلجلة ولترتسم في المخيلة صور أؤلئك العاشقين لتراب وطنهم يعطرون سجون الغاصب لتستقبل بالفرح وآمال العودة أبطال الثورة ، أسرانا الذين أذاقوا العدو طعم الألم الذي تجرعناه كؤوساً مترعة عام ثمان وأربعين.
كان الراحل الكبير من بين هؤلاء العاشقين وكان أجملهم حساً وتعبيراً وأقدرهم على تلمس الصلة الوثيقة بين كفاح شعبه وكل قضية العدل والمساواة على سطح الكرة الأرضية.
عندما تتراءى صورة محمود درويش في الذهن تطل علينا زهور مرج ابن عامر وبيارات يافا وحدائق يافا ورمال غزة وزهر الحنون وعبق الياسمين ... انه عطر فلسطين المميز وروحها الوثابة نحو الانعتاق والحرية. هو حبيب الملايين من عشاق الكلمة الصادقة، رسالتنا لعالم أوغل في لحم شعبنا ودمه فرق عند سماع شعره وتعابيره، فهم كيف يعانق كل شيء في وطنه ويجعل من كلمة فلسطين تعويذة الناس وضميرهم في كل مكان.
عندما يبكي تبكي معه الجماهير وتصفق، وعندما يفرح ويزغرد تهتف له الناس وتدمع عيونها تأثراً بهذا الحالم دوماً بعروس تشبه وطنه. كان يضم بين ثنايا كلماته وطناً فارقه مرغماً كما يضم عشيقته ومحبوبته التي لا حياة بغير حضنها الدافىء والجميل، وعندما كان يدعى لحفل أو ندوة في أرض الوطن كان يلبي غير آبه بكل الكلام المنمق عن الممانعة والمقاطعة وعدم التطبيع، كان يعرف أن ما سيقوله سيكون أشد وقعاً وأكبر تأثيراً من كل الخطب السياسية والكلمات الطنانة.
لم يحتج بني صهيون على قصيدة شاعر غيره، فحين كتب قصيدة عابرون في كلام عابر وأنهاها بكلمة ' ارحلوا ' كان بذلك يرد على أوسلو ونتائجه المدمرة ويقدم لشعبه أفضل نتيجة لنهاية غاصب ليس له في وطننا 'خرم إبرة' كما يقال.
محمود درويش الزاهد في المناصب والمواقع بعد أن جربها وفهم تعارضها مع موقعه في قلب وطنه ورسالته للعالم بعد أن حاز مكانته الرفيعة بين أهله وبني قومه.
درويش الذي تستقبله الناس من كل الأعمار شيباً وشباباً وتجلس في انتظار سماعه ساعات طويلة وتعشقه الصبايا وحبات التراب الذي غنى له عشقاً وصبابة، يرحل وحيداً في أحد مشافي أمريكا بعد أن زهد في أجهزة الحياة الاصطناعية فألقى بها بعيداً ورفع ذراعيه مستقبلاً قلوباً هفت لتعطيه أعظم ما فيها، نبض الحياة وحبها السرمدي.
يا سيدي تغيب ونحن أحوج ما نكون إليك ككل العظام الذين سبقوك، بكيتهم ورثيتهم وها نحن نبكيك ونرثيك ولمثلك والله تكتب المراثي ويذرف الدمع السخين، وتزف كما أردت لوطن قدم الشهداء والشعراء والمفكرين، وقدم المثل والنموذج الذي استقيت منه ونهلت فعمدت رسولنا لكل صاحب ضمير ولكل قضية عادلة تصدح من أجلها.
نحاول أن نوفيك بعد رحيلك فلا نجد في قواميس اللغة ما يعطيك بعض ما أعطيت وأوفيت، ولا يكفي مقال وألف قصيدة لرثائك وللتعبير عن حجم خسارتنا فيك لكننا نحاول فنكسب شرف وداعك ببعض الكلمات تخرج من صميم القلب لصاحب أعظم قلب ضم فلسطين بين جوانحه.
كتب شاعرنا عن المطر والشجر، وكتب عن الحب والغضب والصبر، كما كتب وغنى لمن أعطاه عمره ونبض قلبه الذي استكان أخيراً ليقدم ذلك الهدوء وتلك الطمأنينة التي نشرها شعراً ونثراً في ربوع وطنه وفي شغاف القلوب التي تبكيه الآن وتشتاق لتعويذاته، وعلى هضاب فلسطين وبين سهولها ووديانها تجيبك أصداء نغم حزين يردد تلك القصائد والأشعار التي غناها راحلنا الحبيب. لم تكن أعوامه السبعة والستين كافية لتعطينا كل ما يملكه الرجل ولا كان لمثلها تضاف إليه قادرة على استبطان ذلك العمق في المعنى وربما في المبنى لعطاء مدهش ومثير للقلق كما الثورة والغضب والحب وكل ما يمكن أن تصدره النفس البشرية.
كانت ولادته في فلسطين عام 1941 بقرية اسمها البروة ولم يغادر فلسطين حتى عام 1972 حين ذهب إلى مصر بسبب الضغوط الصهيونية التي مورست عليه واعتقاله أكثر من مرة منذ عام1962، كما فرضت عليه الإقامة الجبرية لفترات طويلة بسبب نشاطه السياسي وتحريضه على الثورة ضد النظام العنصري في الكيان الصهيوني، وقد انتسب الراحل الكبير للحزب الشيوعي وأصبح مدير تحرير صحيفته المركزية الاتحاد وقدم في بواكير أعماله رؤيته الإنسانية الثورية لقضية شعبه المظلوم، كما عمل لاحقاً في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية الثقافية وعضواً في لجنتها التنفيذية حتى استقالته منها احتجاجاً على اتفاق أوسلو المشئوم.
لمحمود درويش مئات القصائد والعديد من الدواوين فمنذ بلغ التاسعة عشر من عمره كان يكتب شعراً يحمل سمات كبار الشعراء وفحولهم، وقد كتب للثورة واستخدم الرموز في أشعاره بسلاسة وبدون تهويم أو تعقيد، حملت كلماته وقصائده هم الشعب الفلسطيني وآماله في العودة ونيل حقوقه كما حمل هموم البسطاء والفقراء من الناس فتوحدت عنده قلوب العرب أجمعين.
كرم راحلنا الكبير في أكثر من بلد عربي وأجنبي كما حصل على جوائز عديدة ومن بلدان ومنظمات متنوعة ومختلفة المشارب والأهواء وهو ما يشير لتنوع هذا الشاعر وعطائه الإنساني.
هل نتذكر مع رحيله ' أوراق الزيتون ' أم ' شيء عن الوطن ' أم ' لا تعتذر عما فعلت ' أم ' مديح الظل العالي ' أم ' عاشق من فلسطين ' أم ' حبيبتي تنهض من نومها ' أم ' يوميات جرح فلسطيني ' أم ' العصافير تموت في الجليل ' أم ' لماذا تركت الحصان وحيداً ' أم ألف قصة وحكاية عن عشق الوطن والأهل، أو نتذكر نضاله السلمي وسط أشقائه من أجل ثورة تنتمي حقاً لكل نبل فلسطين وطيبة أهلها.
فلسطين التي فقدت اليوم ابنها الأقرب لقلبها ولحبل الوريد في أرواحنا وحدقات عيوننا هذه الحبيبة فلسطين ستبكي ابنها البار وحبيبها الذي ما غنى شاعر لمحبوبته قدر غنائه لها.
هو عذب الكلمات، ربابة فلسطين وأجمل موسيقاها، طفلها المدلل ومؤلف القلوب والعقول من حولها.
أيها الراحل عنا سيرثيك الكثير من بني وطنك وقومك، سيبكيك الفلسطيني والسوري والمصري ومن أقصى الوطن إلى أقصى الروح سيبكيك العاشقون والأسرى وسيستقبلك الشهداء بكل الحب الذي أعطيته لهم وقد وفيت كما أوفوا فلك الرحمة وجنان الخلد ولشعبك الحزين على فراقك دعوات الصبر وأمنيات الوحدة والتئام الشمل، وستبقى بين الضلوع تقيم ما أقام الناس ومن سمعوك وقرأوك... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
        بقلم      
زياد ابوشاويش


Publicité
Publicité
miramar
Newsletter
miramar
Catégories
Publicité